الجمعة، 18 يونيو 2010

الناصع الزاهي في حكاية المجالس والمقاهي


الناصع الزاهي في حكاية المجالس والمقاهي

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

لا أحد في عالمنا العربي بالصلاة على النبي لايعرف أكثر أماكن تجمع البشر بدوا كانوا أم حضر من موريتانيا الى جزر القمرحيث يجتمع كل نفر ممن أتى وحضر وكل من انجعى وارتكى وانحشر في منظر عام ألفناه منذ نعومة أظفارنا حيث كانت صور المقاهي والقهوجية وحلقات وبرتيات الشيش بيش والباصرة والكوتشينة وعبق ضباب المدخنين وصفنات العاطلين وهبات السياسيين والفقهاء والمفكرين والكتاب والشعراء والمثقفين بحيث اختلط بين جدرانها وخير اللهم اجعلو خير الحابل بالنابل والتم الشامي على المغربي ووحدت الخواجة بالعربي يعني كانت الى حد كبير مصنعا لثقافات ومدارس وتيارات خرجت من أحشائها وأبوابها العشرات من أكبر شخصيات العالم العربي في مختلف المجالات والمصالح والكارات .
لكن أكبر مجالات تخصصها كانت والى حد اللحظة هو جمع ولملمة العاطلين ومن هم على المعاش على كراسي الزهزهة والطبطبة والانعاش.
وكان ومازال لضباب الدخان والمدخنين من عازفي الشيشة سابقا والمعسل والحشيشة لاحقا هو المعلم والعلم السائد في معظم مقاهي عالمنا العربي بالصلاة على النبي حيث يقوم النفر بتحسس ولحمسة طريقه متفاديا الارتطام بالشيشات والاصطدام بالطاولات مترنحا بين عواطف وهبات الخود والهات وتبادل قصف الصفنات والآهات .
المهم وبلا طول سيرة وعراضة ومسيرة
لكن المطلعين والمترددين على عالم المقاهي المبهج والباهي يعرفون أن للحيطان آذان وعليه فان تقاذف وتباطح الآراء والأفكار والأسماء وبخاصة في المجالات السياسية والأمنية كانت ومازالت تتحاشى التطرق الى سياسات البلد الحكيمة والتطرق الى كل ماعداها بمعنى أنه يتم اسقاط الامبريالية والانبطاحية والزئبقية والباس وتلبيس الغرب واسرائيل بالشتائم عالواقف والمرتكي والنايم وبشكل مستمر ودائم وتناوبها مع هبات الاطراء والدعاء والمكارم للحاكم المصمود والجاثم على كرسيه الأملس الناعم.
يعني نفس الصناديد والأجاويد الذين يتهددون العدو بالويل والوعيد بصياح مخلوط على رعيد هم أنفسهم من يغضون الصوت والطرف بل ينبطحون ويتمرغون بترف أمام الزعيم السعيد مكيع النشامى والصناديد.
بل هناك من كان يطالب بين ضربات الشيش بيش بحصر اليهود والأمريكان في خانة اليك بعد نترهم هزيمة حشك لبك ترتج لوقعها الطاولات والكراسي وتتبخر معها الوكسات والمآسي وتتطاير أمام سطوتها صفنات الحشاشة وهزات أهل الترنح والبشاشة.
المهم وبعد طول اللعي عالواقف والمرتكي والمنجعي
حقيقة أن عالم المقاهي وبخاصة مقاهي أيام زمان مقاهي السماور والأكرك عجم والشاي الكشري والقهوة السادة والملحق وصلحو وأحاديث الساعة والتحاليل السياسية والتناطحات الفكرية والمباطحات الفقهية كلها جعلت من مقاهينا العربية مدارسا وجامعات خرجت المئات من المفكرين والمبدعين بل خرج من بين دخانها وضبابها هواة أم كلثوم وعبد الوهاب وصفنات النشامى والأصحاب وجلسات دخن عليها تنجلي وخلي الحساد تنقلي حيث كان يمتزج بخار عقول المفكرين والصافنين مع دخان الحشاشة وترنح المنبطحين في مناظر حنين وآهات وأنين تحرر فلسطين بعنفوانها ورعيدها المتين.
لكن دورها اليوم قد يكون مختلفا عن الأمس حيث دخلنا دور مقاهي الانترنت بحيث تحول اللت والعجن من خلف الطاولات الى خلف الشاشات وتحولت شفطات الشيشة الى أهات الشات والدردشات بل ودخلت وخير ياطير المقاهي الحديثة من نوع الموديرن يعني خبطت الجرن بالفرن وبدأت تخرج من أبوابها صافنين من فئة مالك الحزين ووحيد القرن لأن القرن الذي نعيش فيه وحوله وحواليه أدخلنا مع زلغوطة في عالم العباد المفرفشة والمبسوطة بعد ماتمت عولمتنا بحيث بتنا نرى العباد مفلوجة ومجلوطة كآبة وحزنا حيث اختفت ضحكات الناس الطيبة وجلسات المحبة المرتبة بعدما تم حشر العباد خلف شاشات الكمبيوترات والرسائل القصيرة والجوالات.
صحيح أن العلم والتقنية قد حسنت بعضا من نواحي حياتنا ومدارات ثقافاتنا لكن ماأخشاه أن قطار الدفئ والألفة البشري قد فاتنا بعدما زجوا بأنوفنا وعقولنا وأفواهنا خلف آلات مستقبلات ومرسلات من ذوات الشاشات فأقتلعت عن مشاعرنا وأحاسيسنا التنهدات والشهقات والآهات وزرعت بيننا المسافات فظهرت وبانت الآفات في مضارب ومجتمعات الخود والهات باعتبارنا معشر العرب من أشد شعوب العالم اجتماعية وعاطفية وحرمان الانسان في مضارب العربان من دفئ الانسان كما يحصل اليوم في مضارب الفرنجة من اوربيين وأمريكان سيدخل مصائرنا في خانة الكان ياماكان وسقى الله أيام جمعة الأحبة والخلان
رحم الله أيام زمان ورحم مقاهي وقهوجية الأحبة والخلان وملتقيات الدفئ والحنان في عالم دخل فيه الانسان ومن زمان موسوعة غينيس في طي النسيان وكان ياماكان.

د. مرادآغا
www.kafaaa.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: