الثلاثاء، 12 فبراير 2008

الى أين يسير اعلامنا العربي




عندما أنعم علينا الغرب بالاقمار الصناعيه ودخول أول الفضائيات والاطباق اللاقطه تنفس أكثرنا الصعداء بعد عصور من الاعلام الرسمي احادي القطب والشكل أو كما يحلو للكثيرين تسميته باعلام ودع واستقبل وحيا واستنكر والذي كان يفرض وقسرا رؤيه أشخاص وشخصيات تتكرر مرارا وتكرارا حتى حفظها أبناء بلادها عن ظهر قلب من حكام ومسؤولين وما لف لفهم من مطبلي القطب الواحد الأوحد
بعد تنفسنا الصعداء على مبدأ حريه الاستقبال والاطلاع على مايجري من حولنا بدأنا نفكر مقارنه ببني البشر حول مالدينا ومالديهم وحرياتنا وحرياتهم ومستوى دخلنا ومستواهم وكل مايخطر على بال في عالم انفتاح اعلامي بدأ يتسع تدريجيا حتى وصلنا الى عالم التدرج نحو العولمه وازاله العراقيل أمام حريات تنقل المعلومات والافكار السياسيه عبر انشاء أول فضائيه عربيه اشتقت مدرستها من المدرسه الانكليزيه أي الجزيره وليده ال بي بي سي البريطانيه والتي كان يفترض لها أن تنشأ بأموال سعوديه ولكن تردد هذه الاخيره لأسباب تعنيها أدخل قطر في مجال المنافسه وأعطت الجزيره صفاره البدء بنوع من الحريه الفكريه السياسيه كسرت المألوف في عالم الصمت والخوف العربي
وبعد ندم السعوديه على اضاعه فرصه الجزيره تمت فبركه العربيه على غرار الجزيره لكن الاولى كانت قد قطعت شوطا وباعا كبيرا في مجال الحريه والاعلاميه أو على الاقل المسموح بها بحيث لم تمكن الثانيه أي العربيه من اللحاق بها لحد الساعه بالرغم من سباق البذخ وضخ الاموال بين قطر السعوديه كل على صنيعته الاعلاميه
المهم ودون الخوض في مدى الحريه والخطوط الحمراء لكل من قنواتنا الفضائيه العربيه فان دخول الانترنت مرادفا للفضائيات جعل كسر آخر ماتبقى في جدار الصمت والظلام الاعلامي العربي أمرا مؤكدا
لكن الحريات لم تقف عند هذا الحد بل بدأ التحلل والتحرر الاخلاقي والفكري يتخذ منحى مبرمجا وممنهجا عبر قنوات الدعاره المقنعه وقنوات الهشك بشك والتي وصل عددها الى المئات مقابل قنوات التعليم الديني والاجتماعي والثقافيه محترمه المضمون والقالب والتي تعد على أصابع اليد
ناهيك عن أن الهجوم الاعلامي والتجاري عبر القنوات التجاريه والصفحات العنكبوتيه وتلاعبها بالعقول والقلوب والجيوب حتى افراغها من آخر ماكان فيها من دنانير ودراهم
حتى الاطفال لم ينجو من فتك الاعلام التجاري حيث يحرض الاطفال في أكثر من قناه على ارسال الرسائل الخاصه ال اس ام اس عبر الهاتف الجوال بحيث وصلنا الى حاله فراغ فكري ومادي لم يسبق له مثيل في عالمنا العربي المترنح أصلا في ضياع فكري وأخلاقي وعجز اقتصادي حيث تتقاذفه رياح الاعلام الغربي الممنهج بحيث وصل ترنح العقول العربيه الى حد مواز لترنح راقصات الهشك بشك يمينا ويسارا في توجه فكري فوضوي لانحسد عليه
المهم أن كل ما تم ادخاله الى عالمنا العربي لحد الساعه من حداثه ومعلوماتيات وحريه تنقل للفكر والافكار لم يقدم شيئا في بلاد يرزح حوالي نصف سكانها تحت خط الفقر ناهيك عن الكم الهائل من الاميين والعاطلين والطوابير الهائله على أبواب السفارات بحثا عن الرزق في بلاد يوحي اعلامها لانساننا العربي بأنها جنات الخلد على وجه اليابسه ممايؤدي وبمقارنه هذا الانسان البسيط مابين حاله المزري وحال أقرانه في بلاد الغرب الى حاله هستيريه من محاولات الهروب من البلاد وبكل طريقه ووسيله وتكفي نظره على شمال المغرب العربي المحاذي للشواطئ الاسبانيه لأخذ فكره أكثر من واضحه عن المعاناه في سبيل الهروب من الواقع
الحريه الاعلاميه في بلادنا العربيه اليوم هي سلاح ذو حدين
أولهما هو معرفه مايحصل حولنا وهذا وان وصلنا اليه لم يغير من واقع الحال شيئا بل على العكس زاد من حده المعاناه والكبت العربي على مبدأ
ان كنت لاتعلم فهي مصيبه ... وان كنت تعلم فالمصيبه أعظم
ثانيهما أدت حاله العلم بالشيئ الى عمل سبر واحصاء لتفكير الانسان العربي وكيفيه ردود افعاله عبر استفتاءات واستقصاءات الرأي العربيه بحيث يمكن لمعاهد الدراسه الغربيه وحكوماتها واستخباراتها تحضير الداء والدواء المناسب لكل بلد على حده وكيفيه التعامل مع عقول البشر في تلك البلاد

لكن الذي لم يكن في الحسبان في فتره وعصر حريه انتقال الفكر والافكار وتبادلها هو اطلاع الانسان الغربي على عالمنا العربي والاسلامي عن قرب واعجاب الكثيرين وخاصه من الطبقه المثقفه في تلك البلاد بالحضارتين العربيه والاسلاميه الامر الذي أدى في حالات كثيره الى أسلمه هؤلاء الاشخاص ناهيك عن ايضاح وشرح موقف الانسان العربي من الازمات والمشاكل وقضايانا الشائكه والمزمنه كالقضيه الفلسطينيه وغزو العراق وغيره واستدراج عطف الرأي العام العالمي لقضايانا وبخاصه مواضيع حقوق الانسان والظلام والظلم الفكري والاجتماعي والاقتصادي الذي يرزح تحت نيره أغلب أفراد المجتمعات العربيه
هي أمور قد تكون قد أدت في مجملها الى اعاده التفكير في تنظيم الاعلام العربي وتحرك المعلومات في هذا العالم
لكن مانترقبه هو معرفه أي من المواضيع التي ستطرق ونوعيه التقنين والضبط الذي سيحصل هذا ان حصل
هل سيتم ارجاع الفضائيات السياسيه الى عصر اعلام ودع واستقبل أم ستترك لها هوامش حرياتها الحاليه
أم هل ستضبط قنوات الدعاره المقنعه والهشك بشك وسيحد من خطرها على عقول وجيوب الانسان العربي
أم أن الضبط سيكون وحسب الارشادات والاوامر الغربيه على قنوات الارشاد الديني وفرض تضييق عليها مواز لاطلاق يد فضائيات هشك بشك امعانا في حل أوساط وعقول الشباب العربي
هل سيتوقف الاعلام العربي الذي يبث بالانكليزيه ولغات عالميه اخرى عن البث لماقد سببه ويسببه من تعاطف مع قضايانا ومؤيدين لها في العالم الغربي
هل سينجح من فشلوا في ازاله الحدود العربيه العربيه وكان آخر فشلهم هو في اعاده بناء حدود غزه مع سيناء هل سيتمكن هؤلاء فعلا من ترشيد حريه الفكر والتفكير لصالح الانسان العربي أم أن المؤتمر لايعدو عن كونه ترسيخا آخر للجدار العازل والفاصل مابين أبناء الامه العربيه ومابين هذه الامه والعالم الخارجي اللهم باستثناء ماهو هدام ومبرمج
سنترك الاجابه على هذه التساؤلات لمؤتمروزراء الاعلام العرب ولما سينتج عن هذا المؤتمر على أرض الواقع هذا ان نتج شيء أصلا

د.مرادآغا

ليست هناك تعليقات: